متحورات فرعية تحت المراقبة دون زيادة في شدة المرض

قدر مدير الخدمات الطبية الملكية السابق استشاري أمراض المناعة الدكتور عادل الوهادنة استنادا إلى أنماط انتشار الإنفلونزا في إقليم شرق المتوسط وتجارب المواسم الشديدة عالميا أن يشهد الأردن ارتفاعا تدريجيا في إصابات الإنفلونزا خلال الشهرين القادمين.

وأكد أن هذه التقديرات تستخدم لأغراض التخطيط والاستعداد الصحي، ولا تعكس حالة وبائية خارجة عن السيطرة داخل المملكة.

وأضاف الوهادنة أن الموسم الحالي للإنفلونزا يصنف عالميا كموسم نشط وفق تقديرات منظمة الصحة العالمية، حيث أن نسب إيجابية الفحوصات في العديد من الدول تتجاوز 10%، فيما بلغت في إقليم شرق المتوسط نحو 25% خلال الأسبوع الوبائي 45، مع predominance واضح لفيروس الإنفلونزا من النمط A بنسبة وصلت إلى 94% مقابل 6% فقط للنمط B.

وأوضح أن القيمة التكاثرية الفعالة لإنفلونزا A الموسمية تتراوح في معظم الدراسات بين 1.2 و1.3، مما يعني أن كل إصابة قد تنقل العدوى في المتوسط إلى شخص أو اثنين، وهو ما يعبر عن انتشار نشط، لكنه قابل للاحتواء عند تطبيق إجراءات صحية وعلاجية مدروسة.

وأشار إلى أن بعض المواسم الشديدة عالميا، مثل موسم 2024–2025 في الولايات المتحدة، أظهرت حجم العبء المحتمل للإنفلونزا، حيث سجلت معدلات استشفاء مرتفعة وصلت إلى نحو 128 حالة لكل 100 ألف نسمة، مع مئات الآلاف من حالات الدخول للمستشفيات، ونسب دخول للعناية الحثيثة قاربت 17% من المرضى المنومين، بينما بلغت الوفيات داخل المستشفيات حوالي 3%، وهي أرقام تستخدم عالميا كأساس تخطيطي لسيناريوهات الاستعداد، لا كواقع حتمي.

وفيما يخص الوضع الوبائي في الأردن، شدد الوهادنة على أن التقارير الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية تظهر أن المملكة ليست ضمن الدول ذات الاتجاه التصاعدي الأعلى، وأن نشاط الإنفلونزا يقع ضمن الشريحة المتوسطة مقارنة بدول الإقليم، مما يعني أن الوضع الحالي مستقر وتحت السيطرة مع موجة موسمية متوقعة دون مؤشرات على انفلات وبائي.

وبالاستناد إلى أنماط الإقليم وتجارب المواسم الشديدة عالميا، قدر الوهادنة أن يشهد الأردن خلال الشهرين القادمين زيادة تدريجية في الإصابات بنسبة 10–20% فوق الوضع الحالي، مع معدل استشفاء تقديري يتراوح بين 50 و100 حالة لكل 100 ألف نسمة في سيناريو الذروة، قد يحتاج منها نحو 10–20% إلى العناية الحثيثة، مع وفيات داخل المستشفى بحدود 2–3% من الحالات الشديدة، مؤكدا أن هذه الأرقام تقديرية لأغراض التخطيط فقط.

وفيما يتعلق بالمتحورات، بين أن الرصد العالمي سجل ظهور متحورات فرعية ضمن سلالات A(H1N1)pdm09 و A(H3N2)، من بينها متحور وصف حديثا في أوروبا، مبينا أن هذه المتحورات لم تظهر حتى الآن زيادة جوهرية في شدة المرض، لكنها قد تسهم في تسارع الموجات محليا، ما يستدعي يقظة جينية مستمرة دون تهويل.

وفي الجانب العلاجي، أكد الوهادنة أن دواء Oseltamivir (Tamiflu) ما يزال حجر الزاوية في علاج إنفلونزا A، مشيرا إلى أن الدراسات الحديثة تثبت أن إعطاءه خلال أول 48 ساعة من الأعراض يقلص مدة المرض ويحدّ من المضاعفات.

كما أظهرت بيانات موسم 2024–2025 وفق الوهادنة أن الاستخدام المبكر للعلاج لدى المرضى المنومين ارتبط بانخفاض ملموس في الوفيات داخل المستشفى وتقليل مدة الإقامة والحاجة إلى العناية الحثيثة، خصوصا لدى كبار السن والفئات عالية الخطورة.

وشدد على أن الاستجابة المثلى في الأردن تقوم على ثلاثة محاور أساسية، وهي استمرار الترصد المخبري والجيني، وضمان توافر مخزون كاف من Tamiflu مع توحيد بروتوكولات استخدامه للفئات عالية الخطورة دون تأخير، إلى جانب إعداد سيناريو تشغيلي مرن لإدارة إشغال المستشفيات خلال الذروة الموسمية.

وأكد الوهادنة أن إنفلونزا A هذا الموسم نشطة عالميا، لكن الوضع في الأردن مطمئن، وأن تقليل الاستشفاء والوفيات يعتمد بالدرجة الأولى على الترصد المبكر والعلاج المنظم ضمن خطة واضحة المعالم.الراي